ضحية

كان الليل ثملاً بالصمت ...
والظلام يصب وحله في أمعاء المدينة
_ منفياً _جلس على الرصيف يلملم من أنفاس السدم المنتنة ويكسر النهار حطباً للموقد ويصيح بنبراتٍ منتنة:
_ تداعى قميصي أيها الوطن
_ تداعى قميصي أيها الوطن
علاقته بالرصيف سائبةٌ على حدٍ ما
كل يوم يلقي عليه فضلات الهموم التي يعتصرها ليأخذ منه ردحاً من الزحام وكأساً من أصوات السيارات وأقدام المارة
افترش صدر الشارع المكفهر يمرج خياله يرعى بنتوءات النوم ....
يمرؤه الصمت وهو مستلقٍ في جبن يروغ بدائرة الحلم
ومن حيث لا شئ ثار الليل عليه
سرق الحلم ثم مضى
انتفض
غضب
أخذ يصرخ بكل ما يحمله الصمت من قوة
ظل ينتظر حلول مساء ليقيم حد السرقه
وكلما حل مساء يغط في صحوٍ عميق
ثم يفوق
يغضب
يصرخ
ينتظر مساءً آخر
وهكذا ضاع حلمه في الليل
عاد يصرخ بصوته الطاعن :
- أمي أمي
الليل سرق حلمي
وطني مزق قميصي
ومضى يشهر الشمس في كبد النار كي يلهب واجهة الضوء
وفي زهاء ميكرو متر من الزمن
وجد نفسه يحب صديقه الليل
يطهمه كل نهار
ويضعه في الصفحة الأخيرة